قرائنا الأعزاء ... إذا كنتم ترغبون في قراءة موضوع ما ... أو كنتم ترغبون بإرسال مقال أو موضوع علمي ... أرجوا منكم التواصل على الإيميل التالي :

hamzahamaira@hotmail.com

الجمعة، 3 أغسطس 2012

عبيد الشاشة ... Slaves of the screen ...


عبيد الشاشة ...
Slaves of the screen ... …


يشاهده الأوروبيون بمعدل 21 ساعة في الأسبوع ... ويشاهده الأمريكيون بما معدله 15-20 ساعة في الأسبوع ... أما في منطقتنا فيصل المعدل إلى 35 ساعة ...
سبب هذا الاختلاف الكبير هو عدم وجود خيارات كثيرة أمام مواطنينا لقضاء وقت الفراغ ، فدرجات الحرارة المرتفعة تشكل عائقاً ، العادات والتقاليد تشكل عائقاً آخر ، وغياب هواية القراءة كعادة أساسية يشكل هو الآخر عائقاً .
خلال مشاهدتنا للتلفزيون ، نستمر في تغيير المحطات حتى إن لم يكن هناك شيء محدد نرغب في متابعته ، ونستمر في البحث حتى نتوقف أمام برنامج أو فيلم أو مسرحية ، ليس لأننا نرغب بمشاهدة ما وجدناه ، بل لأننا لم نجد أي شيء آخر ... هل وصلنا لمرحلة الإدمان على الشاشة ؟
هل تعتقدون أن الشاشة تسرق منكم الوقت ؟ في الحقيقة نحن نمضي ما معدله 14-16 عاماً من عمرنا في مشاهدة التلفزيون ، في بعض الأحيان ، يضيف ما نشاهده إلى معلوماتنا وثقافتنا ، لكن في معظم الأوقات الحال مختلف .
لقد تجاوزنا المرحلة التي كان البعض يقول فيها " التلفزيون ليس موجود في كل بيت " فالحقيقة أنه أصبح من أساسيات كل المنازل ، الفقيرة قبل الغنية ، لقد وصلنا إلى مرحلة وجود جهاز واحد في كل غرفة : حسب آخر الإحصائيات ، فالتلفزيون موجود في غرفة الجلوس بنسبة 45% من المنازل وفي المطبخ بنسبة 30% وفي غرفة النوم بنسبة 14% ... لقد أصبح هذا الجهاز ، بدون أدنى شك ، الأسلوب المفضل للتسلية وتمضية الوقت للجميع .
إلا أن أسلوب التسلية المفضل هذا قد تجاوز الحدود المعقولة للبعض ، هناك من يؤكد أنه غير قادر على التخلي عن مشاهدة التلفزيون حتى لو كان هذا هو ما يريده ... ربما هنا يشابه ما يحدث في حالة الإدمان على الكحول أو التدخين أو حتى المخدرات .. يقول عدد من علماء النفس أن الحالة هي بالتأكيد كالإدمان : تتم تمضية أوقات طويلة أمام الشاشة ، ربما أطول مما هو طبيعي ، يتم إهمال نشاطات اجتماعية أخرى لهذا السبب ، وحين يحاول شخص ما التوقف عن مشاهدة التلفزيون بشكل كامل تظهر عليه الأعراض التي تمت مراقبتها في من يرغب في التحرر من إدمان ما .

في أبحاث تم إجراؤها قبل أكثر من خمسة وأربعين عاماً ، وجد العلماء أن العائلات التي تعاني من انقطاع التيار الكهربائي أو من تعطل جهاز التلفزيون ، يعاني أفرادها من ردود فعل هستيرية لعدة أيام ، في العام 2001 قام قاض أمريكي بتخفيف حكمه على أحد الأشخاص لأن الكثيرين اعتبروا الحكم شديد القسوة : الإقامة الجبرية في منزل بلا تلفزيون لستة أشهر .
باستخدام أسلوب مراقبة يسمى ESM أو Experience Sampling Method تمت مؤخراً دراسة التغيرات الفيزيولوجية والنفسية التي تطراً على من يشاهد التلفزيون ، تم أخذ معلومات من المتطوعين حول شعورهم خلال المشاهدة وتم تصويرهم واستخدام أدوات طبية لتسجيل ما يمروا به من الناحية الجسدية .
توصلت هذه الدراسات إلى أنه عندما لا تكون هناك مشاهد مؤثرة عاطفياً ، فإن ضربات القلب تتباطأ ويصل استهلاك السعرات الحرارية إلى أدنى حد ممكن ( 63 كيلو كالوري في الساعة ، أي أقل مما يكون عليه الحال عند الاستلقاء للراحة ) ويشابه الرسم الكهربائي للدماغ Electroencephalogram ذلك الخاص بمن يبدأ بمرحلة النوم ، الأمر المثير للانتباه هو أنه عند إطفاء جهاز التلفزيون ، فإن حالة الاسترخاء المذكورة تختفي في حين أن حالة السلبية أو اللافعالية تستمر .
هكذا نجد أن مشاهدة التلفزيون تلغي طاقتنا ولخوفنا من فقدان حالة الاسترخاء التي نشعر بها فإننا نستمر في البحث عن محطة أخرى لنستمر في المشاهدة و ... الاسترخاء .
لكن توجد طرق أخرى لاستثمار وقت الفراغ كقراءة كتاب أو حضور ندوة ثقافية أو حتى الذهاب إلى السينما ، لماذا تمتلك شاشة التلفزيون هذه القدرة المسيطرة علينا ؟
الإجابة هي وجود ردة فعل غريزية أزلية في الإنسان والحيوان باتجاه المؤثرات المرئية والمسموعة ( في الماضي حيوان مفترس ، اليوم " من سيربح المليون " ) ردة الفعل هذه تظهر في الشهور الأولى للحياة ، فالمواليد الجدد يديرون رؤوسهم باتجاه الشاشة المضيئة ، لهذا السبب التلفزيون بارع في لفت انتباهنا وفي " استعبادنا " حيثما وجد ... يمكننا ملاحظة هذا الأمر بوضوح عند وجودنا مع أصدقاءنا وانهماكنا معهم في حديث مهم ، إذا وجد في نفس الغرفة جهاز تلفزيون ، فإن الشاشة ستجبرنا على استراق النظر من وقت لآخر .
من النتائج التي توصل إليها العلماء ، نجد أن مشاهدة التلفزيون ليست من التجارب المحببة وبالتالي فمعظم علماء النفس بحثون مرضاهم على تقليل المدة التي يقضونها أمام الشاشة أو في استثمار الوقت في نشاطات أخرى ، ليس هذا فقط ، بل أنهم يؤكدون أن من يشاهد التلفزيون لفترات طويلة تكون خبراته الحياتية العادية أقل بشكل ملحوظ وذلك لربط ما تتم مشاهدته ( لا واقعي ) مع ما يحدث في العالم ( واقعي ) وهذا يحدث خللاً .
علماء آخرون يرون هذه النتائج مبالغ فيها لحد كبير ، فلو كان هذا حقيقياً لكان كل سكان الأرض مدمنين الآن ، النتائج السلبية التي تمت مراقبتها خلال فترة انقطاع التيار الكهربائي أو تعطل جهاز التلفزيون ليست بسبب الإدمان ، بل لأننا لا نحصل على المعلومات التي تلزمنا والتي تعودنا على الحصول عليها بشكل مستمر من التلفزيون .
لهذا ما يجده هذا القطاع من العلماء أن التلفزيون كالدواء ، فوائده كثيرة ، إلا أن تناوله بشكل غير متوازن يؤدي إلى نتائج سلبية ، كذلك يجب علينا ألا ننسى أن لكل دواء أعراض جانبية ، قد لا تصبينا لكنها قد تصيب غيرنا ، كذلك فإن الأسلوب الذي يؤثر علينا فيه قد يختلف عن الأسلوب الذي قد تؤثر فيه على الآخرين .
الشاشة والعنف
منذ عام 1946 ، أي منذ بدء أول محطات التلفزة الأمريكية بث برامجها ، بدأ علماء النفس والأنثروبولوجيا والاجتماع في دراسة آثار المشاهد العنيفة على الشاشات التي يتابعها صغار السن .
في واقع الأمر عمل القائمون على برامج الأطفال منذ البداية على تقديم عنف تلفزيوني " جميل " بعد تجريده من كل العوامل المزعجة المصاحبة للعنف الحقيقي ... نذكر مشاهد العنف في أفلام كرتون مثل توم وجيري : كل أعمال العنف تنتهي بشكل لاواقعي مضحك ودون إحداث أي أذى لشخصيات الفيلم .
مع هذا ، فلم تصل أي من النقاشات التي دارت حتى الآن حول الآثارا الأكيدة للمشاهد العنيفة على المشاهدين إلى نتيجة ، ولم يتم الوصول إلى إجابات أكيدة على السؤال : " هل تؤدي هذه المشاهد إلى فصل المشاهد عن واقعه ؟ " .
لا يمكننا ربط العنف الذي تعيشه العديد من المجتمعات اليوم بالتلفزيون وحده ، فهناك عوامل اجتماعية وسياسية وأخلاقية أثرها أكبر من مشاهد العنف في التلفزيون ، مع هذا ، تعمل العديد من شركات البث اليوم على اتخاذ إجراءات تحد من مشاهدة الأطفال لمناظر تلفزيونية عنيفة .
لولا التلفزيون ، لما تمكنا من معرفة ما يدور في العالم بشكل شبه لحظي ، ولما تمكنا من الحصول على معلومات ثقافية وعلمية واجتماعية بالشكل المفصل الذي نحصل عليه من الشاشة ، حتى تعلم اللغات أصبح عملية أكثر سهولة وسرعة بوجود البرامج التعليمية .
الحقيقة هي أن الآثار التي يجب علينا دراستها ، والسلبيات التي تجب معالجتها ليست خاصة بـ " جهاز التلفزيون " بل بالبرامج التي نشاهدها باستخدام هذه الأداة ، فالجهاز ليس أكثر من أداة نتائج عملها يعتمد على الإنسان واختياراته في المشاهدة .
بكل الأحوال ، علينا دائماً مراقبة أنفسنا ومراقبة عاداتنا في هذا الشأن ، وربما يكون توجهنا بشكل أكبر نحو القراءة والنشاطات الرياضية والاجتماعية أكثر فائدة لنا .
قالوا في التلفاز
« التلفزيون ممكن من الناحية التقنية ، إلا أن تسويقه سوف يكون مضيعة للوقت » - لي ديفورست - مخترع أمريكي 1926 .
« التلفزيون جهاز باسم نصفه إغريقي والنصف الثاني لاتيني ... وبالتأكيد عديم الفائدة » - تشارلز سكوت - صحفي إنجليزي 1932 .
« التلفزيون لا توجد منه فائدة ، سواء في حياتي أو في حياتكم » - ركس لامبرت - رئيس تحرير مجلة 
The Listener 1936 .

هناك تعليق واحد:

  1. أعجبتني مقولة Ernie Kovacs عندما قال :
    " التلفاز حول الأطفال من قوة لا تقاوم .. إلى جماد لا يتحرك " .
    وهذه حقيقة 100%

    ردحذف