قرائنا الأعزاء ... إذا كنتم ترغبون في قراءة موضوع ما ... أو كنتم ترغبون بإرسال مقال أو موضوع علمي ... أرجوا منكم التواصل على الإيميل التالي :

hamzahamaira@hotmail.com

الجمعة، 3 أغسطس 2012

حـــــيـــــفــــــا Haifa


حـــــيـــــفــــــا       Haifa


تقع مدينة حيفا على ساحل البحر الأبيض المتوسط في شمال فلسطين عند التقاء دائرة عرض 32.49 شمالاً وخط طول 35 شرقاً وهي نقطة التقاء البحر المتوسط بكل من السهل وجبل الكرمل ، وهذا جعلها نقطة عبور إجبارية ، إذ يقل اتساع السهل الساحلي عن 200 متر ، كما أن موقعها جعل منها ميناء بحرياً أصبح الأول في فلسطين ، كما جعل منها بوابة للعراق والأردن وسوريا الجنوبية عبر البحر المتوسط ، وهي ذات أهمية تجارية وعسكرية طوال فترة تاريخها ، ولهذا تعرضت إلى الأطماع الاستعمارية بدءاً من الغزو الصليبي وحتى الاحتلال الصهيوني . وقد امتدت إليها خطوط السكك الحديدية لتربطها بالمدن الفلسطينية والعربية ، من غزة واللد ، إلى بيروت وطرابلس ودمشق . أما اسمها فيرى البعض أن اسم حيفا جاء من كلمة حفا بمعني شاطئ ، بينما يرى ياقوت الحموي في معجم البلدان بأن الأصل مأخوذ من حيفاء وهي من الحيف بمعني الجور ، وقد تكون مأخوذة من الحيفة بمعنى الناحية ، ويرى البعض الأخر بأن الأصل في الحيفة المظلة أو المحمية ، وذلك لأن جبل الكرمل يحيط بها ويحميها ويظللها . وقد وردت في الكتب القديمة باسم سكيمينوس ، وسماها الصليبيون باسم كيفا وأحيانا سيكامنيون وتعنى باليونانية شجرة التوت ، وربما يرجع ذلك إلى كثرة أشجار التوت في حيفا ودعاها الفرنجة باسم بروفيريا نظراً لكثرة الأحداث على سواحلها .
حيفا عبر التاريخ :
مدينة كنعانية قديمة من مدن ما قبل التاريخ مقامة على جبل الكرمل ، حيث عثر المنقبون على آثار حضارات العصر الحجري القديم بمراحله الثلاث ( نصف مليون سنة إلى 15 ألف سنة ق.م ) .
أولاً : حيفا في العصور القديمة :
ما زال الغموض يكتنف نشوء المدينة ، إذ لم يستطع المؤرخون تحديد الفترة الزمنية التي نشأت فيها المدينة ، رغم أن معظم الحفريات الأثرية تشير إلى أن مناطق حوض شرق البحر الأبيض المتوسط ، كانت أحد أهم المناطق التي أقام فيها الإنسان حضارته ، نظراً لموقعها الجغرافي المتميز ، ومناخها المعتدل وخصوبة أرضها ، ووفرة المياه فيها ، وقد تبين من خلال الاكتشافات الأثرية في المدينة أنها كانت من المدن التي استوطنها الإنسان منذ أقدم العصور . 


وعند شواطئ حيفا نشبت معركة بين الفلسطينيين والمصريين في عهد رمسيس 1191 ق.م ، امتلك الفلسطينيون بعدها الساحل من غزة إلى الجبل ، ولما استولى اليهود في عهد يوشع بن نون على فلسطين جعلت حيفا من حصة ( سبط منسي ) . أصبحت تابعة لحكم أشير أحد أسباط بني إسرائيل ، بعد سقوط الحكم الكنعاني .
وقد تقلبت عليها الأحوال فهدمت وخربت مرات كثيرة في عهود الأمم التي تقلبت على فلسطين ، كالآشوريين ، والكلدانيين والفرس واليونان والسلوقيين . وفي عام ( 104 م) خضعت حيفا للحكم المصري .
ثانياً : الفتح العربي الإسلامي :
تم فتح حيفا في عهد الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان ، وذلك على يد قائده عمر بن العاص عام 633 م ، ونتيجة لذلك بدأت القبائل العربية بالاستقرار في فلسطين ، وعلى وجه الخصوص في مناطق الساحل الفلسطيني ، ومن أهم القبائل التي استقرت في منطقة حيفا قبيلة بن عامر بن لام في سهل مرج ابن عامر ، وقبيلة بن لام في منطقة كفر لام ، وبقيت حيفا جزءاً من الدولة الإسلامية طيلة العهد الأموي والعباسي .
ثالثاً : حيفا في عصر الغزو الفرنجي ( الحروب الصليبية ) :
ضعفت الدولة العباسية في أواخر عهدها ، وعجز الخلفاء في السيطرة على أجزاء الدولة الإسلامية المترامية الأطراف ، الأمر الذي أدى إلى تمرد بعض الولاة و إعلان قيام دويلاتهم المستقلة عن الدولة الام ، وهو ما يعرف في التاريخ بعصر الدويلات ، وقد ترتب على ذلك زيادة في ضعف الدولة الإسلامية وتشتتها وفرقتها ، مما حدا بالدول الأوروبية إلى إظهار مطامعها بأملاك الدولة الإسلامية من خلال محاولاتها السيطرة على أجزاء من أراضى هذه الدولة بحجة حماية المناطق المقدسة ، وقد أدت هذه الأطماع إلى القيام بعدد من الحملات . ومع بدء الحملة الأولى على الشام بقيادة " جود فري " سقطت حيفا بيد الفرنجة عام 1110م على يد " تنكريد " أحد قادة هذه الحملة .
رابعاً : حيفا في العهد العثماني :
انتقلت حيفا إلى العثمانيين في عهد سليم الأول 922هـ – 1516م . وقد أشير إليها في مطلع العهد بأنها قرية في ناحية ساحل عتليت الغربي التابع لسنجق ( لواء ) اللجون ، أحد ألوية ولاية دمشق الشام .
بدأ العثمانيون منذ النصف الثاني من القرن السادس عشر يعمرون ببطء ، وذكرت دفاتر التمليك ( الطابو ) أن قرية حيفا كانت ضمن قطاع آل طرباي الذين اصبحوا يعرفون باسم الأسرة الحارثية في مرج ابن عامر 885 – 1088هـ / 1480- 1677م . 



خامساً : الاستيطان الألماني في مدينة حيفا :
بدأ هذا الاستيطان في عام 1868م ، من قبل مجموعة عائلات ألمانية قادمة من جنوب غرب ألمانيا ، وقد أقام هؤلاء مستوطنة له في القسم الغربي من المدينة ، حيث زودوها بكل وسائل الرفاه والتنظيم ، فأقاموا المدارس الخاصة بهم وعبدوا الطرق وبنوا الحدائق ، ووفروا كل مرافق الخدمات العامة فيها ، ونتيجة لذلك بدأ عدد سكان المستعمرة في التزايد . 


وتلاحق بناء المستوطنات الألمانية في منطقة الساحل ، حيث أقيمت مستعمرة ثانية عام 1869م في حيفا ، ثم مستعمرة ثالثة بجوار سابقتها أطلق عليها اسم شارونا ، وقد مهدت هذه المستوطنات في النهاية إلى إقامة أول حي ألماني على الطراز الحديث في المدينة ، وهو حي " كارملهايم " في جبل الكرمل . 


لا شك أن الألمان ساهموا في تطور مدينة حيفا ، من خلال ما جلبوه من وسائل وأساليب زراعية حديثة ، إلا أنهم في الوقت نفسه كانوا يمثلون الحلقة الأولى من سلسلة الأطماع الاستعمارية ، التي أدت في النهاية إلى إقامة الكيان الصهيوني الدخيل فوق الأرض الفلسطينية .
سادساً : حيفا في عهد الانتداب البريطاني :
بعد خروج بريطانيا منتصرة من الحرب العالمية الأولى عام 1918م ، أصبحت فلسطين خاضعة لانتداب هذه الدولة ، التي بدأت منذ اللحظة الأولى تدبير المؤامرات من أجل القامة وطن قومي لليهود في فلسطين ، خاصة بعد أن أعطت اليهود وعد بلفور المشؤوم ، ولتحقيق هدفها قامت بريطانيا بتشجيع الهجرة اليهودية إلى فلسطين وتحريض اليهود على استملاك الأراضي و إقامة المستوطنات وطرد السكان العرب ، ثم بدأت بتقديم كافة التسهيلات لليهود ، لتساعدهم على استملاك الأراضي و إقامة المستوطنات ، حتى وصل عدد المستوطنات اليهودية في قضاء حيفا لوحده في العهد البريطاني حوالي 62 مستوطنة ، وكنتيجة لتشجيع بريطانيا استمر تدفق الهجرات اليهودية إلى فلسطين ، وتمكنت بريطانيا أخيراً من الوفاء بعهدها للفئات الصهيونية .
وبتاريخ 21-4-1948 أبلغ الحاكم العسكري البريطاني العرب قرار الجلاء عن حيفا في حين كان قد أبلغ الجانب الصهيوني بذلك قبل أربعة أيام وكان هذه الإعلان إشارة البدء للقوات الصهيونية خطتها في الاستيلاء على المدينة وكان لها ما أرادت .
المعالم الدينية والتاريخية والسياحية :
تضم حيفا على مجموعة من المعالم الدينية والتاريخية والسياحية ، التي تشجع السياح على زيارة المدينة فقد بلغ عدد الكنائس في العقد الرابع في القرن الحالي ست كنائس ، مقابل خمس مساجد وتكايا ، إلى جانب وجود ثمانية فنادق وثلاثة حمامات عامة وتسعة خانات .
حيفا مدينة جميلة ، يوجد بها مجموعة من المعالم السياحية والأبنية الضخمة مثل دير الفرنسيسكان ، ودير وكنيسة الأباء والكرمليين ، ودير دام دونازارات ، ونزل الكرمل ، والجامع الشريف ، والمحطة وبرج الساعة ، إلى جانب وجود مجموعة من المتاحف أهمها : متحف الفن الحديث ، وبيت الفنانين ، والمتحف الانتولوجي ، ومتحف الفن الياباني ، والمتحف البحري ، والمتحف البلدي ، ومتحف الطبيعية ، ومتحف الفلكلور ، والمتحف الموسيقي .
ووجود مجموعة من المنتزهات والحدائق العامة أهمها : منتزه جان بنيامين ، وحديقة التكنيون ، ومنتزه جان هزكرون ، وحديقة جان حاييم ، والحدائق الفارسية ، وحديقة حيوانات ، إلى جانب وجود أعداد كبيرة من الفنادق والاستراحات .
ومن خلال دراسة الاكتشافات الأثرية في منطقة حيفا وقضائها ، من حيث خصائصها ومميزاتها ومواصفاتها والمادة الخام المستخدمة وطبيعة الرسومات ، تبين أن العرب الكنعانيين هم أول من استوطن المنطقة أقاموا فيها الكثير من مدنهم وقراهم مثل الطنطورة وعتليت وقيسارية ، وبنوا حيفا القديمة على بعد كيلو مترين من حيفا الحالية ، وقد بقى من هذه المدينة القديمة بعض الآثار التي تدل على مكانها ، منها في جبل الكرمل على شكل ثلاث قناطر .
أما أهم المناطق الأثرية والتاريخية في حيفا : حيفا المدينة وتحتوي على منحوتات صخرية ومقابر أثرية ، مغارة الواد بنقوشها ومنحوتاتها ورسوماتها التي تعود بتاريخها إلى حوالي 15 ألف سنة قبل الميلاد . الأدوات الحجرية والرسومات التي تم اكتشافها في منطقة المدينة والتي تعود للفترة الواقعة بين ( 1260 – 6000 ق.م ) . تل السمك في الجزء الغربي من حيفا وعلى الساحل ، وتحتوي على أرضيات فسيفسائية ومنحوتات صخرية رومانية ومقابر منحوتة في الصخر . شيقومونا غرب مدينة حيفا وتحتوي على مقابر صخرية وأرضيات من الفسيفساء . 



مدرسة الأنبياء وهي قريبة من الفنار ، وعبارة عن بناء إسلامي قديم يضم مسجداً ومغارة ، قيل أن النبيين الياس ويشع علما فيها تلاميذهما قواعد الدين الحقيقي ، وتحتوي المغارة على آثار يونانية ، وهي مكان يقدسه أتباع الطوائف الدينية الثلاث الإسلامية والمسيحية واليهودية . مار إلياس وهي عبارة عن كنيسة منحوتة في الصخر بالقرب من مدرسة الأنبياء . قرية رشمية وفيها بقايا قلعة قديمة بناها الفرنجة وتحتوي على بقايا أبراج ومقابر ، وأهم كنيسة في حيفا ، مزار مريم العذراء ، سيدة الكرمل ، القائم على جبل الكرمل . مقام عباس ( المعبد البهائي والحدائق الفارسية ) وسط حدائق جميلة وساحرة .
ومن أهم المواقع الأثرية مغارة الوعد ، كباران ، السخول ، الزطية ، وقد عثر المنقبون على هياكل عظمية متحجرة ، وبقايا النار التي استخدمها إنسان فلسطين وهي أقدم بقايا رماد في حوض البحر الأبيض المتوسط ، وتتكون من خشب أشجار الزيتون ، الطرفاء ، الكرمة ( العنب ) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق