قرائنا الأعزاء ... إذا كنتم ترغبون في قراءة موضوع ما ... أو كنتم ترغبون بإرسال مقال أو موضوع علمي ... أرجوا منكم التواصل على الإيميل التالي :

hamzahamaira@hotmail.com

الثلاثاء، 26 فبراير 2013

الاشتراكية Socialism


الاشتراكية
Socialism


يطلق لفظ الاشتراكية للتعبير عن الكثير من المعاني المختلفة ، فأحياناً يطلق على مجرد تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي ، وبذلك تكون الاشتراكية نقيضاً لسياسة الحرية الاقتصادية . كما يطلق ، أحياناً ، للتعبير عن تدخل الدولة في حياة العمال ، والطبقات الفقيرة ، بهدف سن التشريعات الاجتماعية ، والاقتصادية ، التي تخفف معاناتهم ، وتمنحهم بعض المزايا .
إلا أن الاشتراكية ، من الناحية العلمية ، تعني النظام الذي تؤول فيه ملكية مواد الإنتاج ، والأراضي ، والآلات ، والمصانع للدولة . بمعنى آخر ، فإن الاشتراكية ، على خلاف ما تقتضيه الرأسمالية ، تقوم على الملكية الجماعية لعناصر الإنتاج المختلفة .
أخذت الاشتراكية ، في الفكر الاقتصادي والتطبيق الفعلي ، صورتين ، صورة الاشتراكية الخيالية ، وصورة الاشتراكية الماركسية نسبةً إلى كارل ماركس . فقبل ظهور الاشتراكية الماركسية ، كان المنادون بالاشتراكية يحاولون تصوير عالم خيالي ، تسود فيه مبادئ الاشتراكية الخيالية ، وتنعدم فيه مساوئ النظم الاجتماعية ، والاقتصادية ، السائدة ، محاولين إقناع الأفراد ، والحكومات ، بالمشاركة في إقامة هذا العالم الخيالي . وكان اعتمادهم ، في ذلك ، على التأثير العاطفي المصحوب بسردٍ للمساوئ الاجتماعية ، والاقتصادية ، التي كانت سائدة في تلك الفترة . ومن هذا المنطلق فإن الاشتراكية الخيالية لم تكن ذات أساس علمي تحليلي ، وإنما كانت مجرد تخيلات وأحلام ، ليس لها أساس علمي . أما الصورة الثانية من صور الاشتراكية فكانت الاشتراكية الماركسية ، أو الاشتراكية العلمية ، التي حاول كارل ماركس بناءها على أساس علمي ، محاولة لتميزها عن الاشتراكية الخيالية ، ولدحض حجج الرأسمالية ، التي اعتمدت المنهج العلمي أداة رئيسية في تحليلها للقضايا الاقتصادية المختلفة .
وجهة نظر الاشتراكية تعتمد عامة على أساس مادي ( عامة ما تتضمن المادية التاريخية أو الوضعية ) وفهم للسلوك الإنساني يُشكل عن طريق البيئة الاجتماعية . الهدف الأسمى للاشتراكيين الماركسيين هو رفع الولاية وتحرير العمال من العمل عند الآخرين . ويتجادل الماركسيون أن تحرير الفرد من ضرورة العمل عند الآخرين من أجل الحصول على بضائع سيجعل الناس تنساق إلى اهتمامتهم الخاصة ويطوروا مواهبهم الخاصة بدون الاهتمام بالعمل عند الآخرين . وهكذا بالنسبة للماركسيين يسمح بأن تكون مرحلة التطوير الاقتصادي مرحلة عرضية على التقدمات الموجودة بالقدرات الإنتاجية بالمجتمع .
عامة الاشتراكيون يثبتوا أن الرأسمالية تركز القوة والثروة في قطاع من المجتمع ، فيتحكم هذا القطاع في وسائل الإنتاج ويستمد ثروته من النظام الإستغلالي . وهذا يخلق مجتمع طبقي يعتمد على علاقات اجتماعية غير متساوية مما يسبب الفشل في إمداد فرص متساوية لكل الأفراد لتعظيم قدراتهم ، وهكذا لا يتم استخدام التقنيات المتاحة والمصادر لتعظيم قدراتهم لمصلحة العامة ، وتركز على إرضاء وإشباع رغبات السوق المستحث في مقابل متطلبات الإنسان . ويثبت الاشتراكيون أن الاشتراكية تسمح بتوزيع الثروة على أساس مساهمة كل فرد في المجتمع وفي المقابل كم رأس المال الذي يمتلكه الفرد .
الاشتراكيون يؤكدوا أن رأس المال نظام اقتصادي غير شرعي ، حيث أن هذا يخدم مصلحة الأغنياء وتسمح بإستغلال الطبقات الأدنى . وبالتبعية يتطلعوا إلى أن يستبدلوا النظام بالكامل بعمل تعديلات ضرورية له لكي يخلقوا عدالة اجتماعية لتولد مستوى معيشة أساسي . الهدف الأساسي للاشتراكية المساواة الاجتماعية وتوزيع الثروة على أساس المساهمة في المجتمع ، وتنظيم اقتصادي يخدم مصلحة المجتمع ككل .

♣ الجذور التاريخية للمذهب الاشتراكي ♣

يرجع الكثير من مؤرخي الفكر الاقتصادي المذهب الاشتراكي إلى الفيلسوف اليوناني أفلاطون ، الذي صوّر في كتابه ( الجمهورية ) مجتمعاً مثالياً يعيش فيه الناس حياة ملؤها السعادة ، والحرية ، والعدالة . وقد بنى أفلاطون هذا المجتمع على ثلاث فئات من الناس هي :
- الفئة الأولى : فئة الصناع ، الذين يبنون المنازل ، وينتجون الطعام ، والملابس .
- الفئة الثانية : فئة المحاربين ، الذين يدافعون عن الوطن ضد العدوان الخارجي .
- الفئة الثالثة : فئة الحكام الفلاسفة ، الذين يتم اختيارهم بكل عناية ودقة ، ويحرم عليهم كل أنواع الملكية الخاصة ، حتى ينصرفوا إلى رعاية حكمهم وإقامة العدل بين الناس .
وقد كان أفلاطون يهدف ، من وراء ذلك ، إلى تصوير مدينة مثالية ، يعيش فيها الناس سعداء متحابين ، وتزول منها كل صور الظلم الاجتماعي ، والسياسي ، والاقتصادي . ورغم أن أفكاره ظلت أفكاراً خيالية بعيدة عن التطبيق الواقعي ، إلا أنها ظلت حاضرة في أذهان الكثير من الفلاسفة والمفكرين . فمنذ عهد أفلاطون ، لم يمر جيل إلا ويظهر فيه مفكر ، أو فيلسوف ، يحاول مقاومة مساوئ نظام الملكية الخاصة ، عن طريق تصوير مجتمع خيالي تنعدم فيه الملكية الخاصة ، ويعيش فيه الناس أحراراً من كل القيود المادية والمعنوية . فقد أفضت القرون ، التي فصلت بين عهد أفلاطون ، وعصر الإصلاح الديني بالكثير من الأفكار التي تدعو للمساواة ، والملكية العامة للمجتمع ، وغير ذلك من الأفكار ، التي تدعو للعدالة الاجتماعية لأكبر عدد ممكن من المواطنين . وقد تبنى هذه الأفكار الكثير من الفلاسفة ، والشعراء ، والقساوسة ، اعتقاداً منهم بأن شيوعية المجتمع هي الحالة الطبيعية ، وأن القانون الوضعي ، الذي أوجد عدم المساواة والملكية الخاصة ، والفروق الطبقية بين الناس ، ليس هو التفسير السليم لقانون السماء .
أما في عصر الإصلاح الديني ، في أوربا ، في القرن السادس عشر ، فقد أثار مارتن لوثر الشكوك حول الملكية الخاصة ، وعدّها من السيئات التي يجب أن يتخلص منها المجتمع . إلى أن هذه الآراء ظلت محبوسة في الإطار التخيلي ، بعيدة عن التطبيق على أرض الواقع ، خاصة في ظل النفوذ القوي ، الذي كان يتمتع به الملوك والأمراء . واستمر الحال على هذا المنوال ، حتى وضع كارل ماركس أساس الاشتراكية العلمية ، التي كانت تهدف إلى تقويض مبادئ الرأسمالية ، وساندها في ذلك التفاوت الطبقي ، والاضطهاد الكبير ، الذي عانته طبقة العمال ، في الدول الأوربية ، خلال القرن التاسع عشر . وقد أخذت الاشتراكية صوراً مختلفة حيث راوحت بين الاشتراكية الخيالية ، والاشتراكية الإصلاحية ، مروراً بالاشتراكية الماركسية أو العلمية . ومما لاشك فيه أن إسهام مفكري هذا المذهب قد أثرى الفكر الاقتصادي ، وساعد في تطوره ، خاصة أنها قد أخذت على عاتقها البحث عن نواقص النظام الرأسمالي وعيوبه .

♣ عيوب النظام الاقتصادي الاشتراكي ♣

من الصعب أن يخلو نظام اقتصادي من العيوب ، ومهما نجح هذا النظام في علاج عيوب ما قبله من نظم ، إلا أن هناك بعض العيوب التي تشوب هذا النظام ، ومن أهمها :
1. عدم وجود الحافز القومي لضمان مزيد من تشجيع العمال على الإنتاج ، وبالتالي إمكانية حدوث نوع من التراخي من جانب بعض المسؤولين عن إدارة أمور المشروع في ظل النظام الاشتراكي ، وكذلك ضرورة توفير جهاز إداري ورقابي ضخم ، لأن الدولة هي المسؤول عن المشروعات في ظل النظام الاشتراكي ، ويؤدى ذلك إلى زيادة تكاليف الإنتاج من خلال وجود مزيد من الإجراءات الروتينية وتعطيل العمل داخل الجهاز الإداري للدولة .
2. عدم كفاءة أسلوب التخطيط المركزي لإدارة الاقتصاد القومي ، فقد أثبتت التجربة والواقع أنه رغم المزايا المتعددة التي يحققها التخطيط الاقتصادي ، إلا أنه يحتوي على عيوب متعددة أهمها : أن السلطات التي تتولى التخطيط قد لا تملك المعلومات الكافية اللازمة للتخطيط على النحو الأكمل ، فضلاً على أن الواقع قد أثبت أن التخطيط يجر معه ذيولاً من البيروقراطية الخانقة ، ويمهد لسيطرة الحزب الواحد في السلطة . كذلك فإن التخطيط كان يتم كثيراً على حساب فعالية الإنتاج القومي وكفاءته والسلوك الاقتصادي القويم .
3. ومن العيوب كذلك عدم وجود الحافز لاستخدام وسائل إنتاجية حديثة ؛ الأمر الذي أدى إلى تخلف المعدات والآلات المستخدمة في العمليات الإنتاجية وما لذلك من آثار سلبية على جودة الإنتاج ، وكذلك عدم الخبرة الكافية في مجال العلاقات التجارية الخارجية . كذلك ضعف جودة السلع التي تنتجها الدول الاشتراكية مقارنة بالدول الرأسمالية الصناعية . وبإحلال الملكية الجماعية والتخطيط الاقتصادي الشامل ، فإن أفكاراً مثل المنافسة وقوى العرض والطلب وجهاز الأثمان لتوجيه الموارد وحافز الربح الشخصي لا تجد لها مكاناً في الاقتصاد الاشتراكي . فبدلاً من المنافسة بين المشروعات يكون هناك التنسيق المتكامل بينها . ويتم تخطيط المشروعات وتنفيذها وتوجيه الموارد في المجتمع عموماً ، وفقاً لأهداف عينية مادية وليس نقدية ، ويكون الهدف تحقيق الإنتاج وإنجازه ، وليس الربح الشخصي . نخلص من هذا أن للنظام الرأسمالي مزاياه وعيوبه ، كما أن للنظام الاشتراكي مزاياه وعيوبه .

هناك تعليق واحد:

  1. هذا المقال أخي الكريم ، يثبت فشل كل من النظامين ( الرأسمالي والاشتراكي ) ، وبهذا يتجلى لنا بأن النظام الإسلامي هو النظام الوحيد القادر على إدارة اقتصاد الدولة وتنظيم الحياة الاقتصادية للأفراد ، وأنه قد تميز على النظامين السابقين بل وحتى أنه قد عالج عيوبهما ...

    ردحذف