فلاديمير لينين
Vladimir Lenin
في مارس عام 1898م ، انعقد المؤتمر الأول لحزب
العمال الاشتراكي الديمقراطي
الروسي ، الذي أصبح فيما بعد الحزب الشيوعي ، وقد تكون هذا المؤتمر ، من 9 مندوبين فقط يمثلون أربعة اتحادات
عمالية ، وعمال إحدى الصحف ، وعصبة اليهود الاشتراكية الديمقراطية . وقد
اجتمع هؤلاء المندوبون التسعة في مدينة منسك في الأيام الثلاثة الأولى من مارس ،
واعتبروا أنفسهم حزباً ، ودعوا إلى الإطاحة بحكم آل رومانوف ، ثم عادوا إلى
منازلهم حيث اعتقل ثمانية منهم على الفور . وقد تمكن خلفاؤهم بعد أقل من 22
عاماً من الإطاحة بالحكومة الروسية ، معتمدين في ذلك على عبقرية رجل لم يكن
من بين هؤلاء التسعة ، ولم يحضر اجتماع منسك الشهير ، هو فلاديمير أوليانوف ،
الذي سمى نفسه ( لينين ) كما اختار لنفسه أيضاً أسماء مختلفة ، في أوقات متعددة .
فلاديمير ألييتش أوليانوف المعروف بليني ، ولد في 22 ابريل من عام 1870 في مدينة سيمبرسك ، تعرف اليوم باسم أوليانوفسك ، وبعد أن انهى المدرسة دخل
كلية الحقوق في جامعة مدينة قازان ، إلا أنه فصل من الجامعة بسبب مشاركته في
مظاهرات الطلاب . بعد اعدام أخيه ألكسندر بسبب مشاركته في تنظيم محاولة اغتيال
القيصر ألكسندر الثالث ، عاد لينين إلى مدينة قازان ، وبدلاً من ممارسة مهنة
المحاماة بعد حصوله على الرخصة القانونية التي تؤهله ، انصرف لينين إلى العمل على
تفعيل العمل الثوري والانعكاف على دراسة الماركسية في مدينة سانت بيترسبرغ ، وبدأ بتأليف
كتب في موضوع علم الاقتصاد الماركسي وتاريخ حركة الفلاحين والعمال في روسيا . إلا
أن ولعه بالماركسية قاده إلى سويسرا ،
التي نشأت في أحضانها الماركسية الروسية ، حيث التقى بليخانوف . وبعد عودة لينين
إلى روسيا تم إلقاء القبض عليه وتوقيفه لمدة عام كامل ومن ثم نفيه إلى سيبيريا في 7 ديسمبر
1895م ، ولذلك فقد كان لينين بعيداً حينما ولد حزب العمال الاشتراكي الديمقراطي في منسك عام 1898م . وتمكن هناك من تخصيص
فترات طويلة من وقته للكتابة إلى المفكرين الشيوعيين في أوروبا . وفي يوليو من عام 1898م تزوج لينين من الاشتراكية ناديجدا كروبسكاياوفي .
وفي أبريل من عام 1899م تمكن لينين من اصدار كتابه المعنون بتطور الرأسمالية في روسيا .
وفي عام
1900م هرب من سيبريا ، وجمع قواه مع بليخانوف مرة أخرى ، وأسس في ميونخ جريدة بعنوان
الشرارة ، كانت بعثاً جديد لحزب العمال الاشتراكي الديمقراطي الروسي . وكانت
جريدة لينين . كما عمل على نشر الكتب المتعلقة بالعمل الثوري . وفي عام 1903م عقد
مؤتمر جديد لحزب العمال
الاشتراكي الديمقراطي الروسي . وأطلق لينين
على حزبه اسم ( طليعة الطبقة العاملة ومنقذها ) . وبعد العديد من المناقشات ، والمناوشات ،
والانشقاقات انقسم الحزب إلى جزأين ، هما : ( البلاشفة ) أي الأغلبية ، و ( المناشفة ) ، أي الأقلية . وكان هذا الانقسام تعبيراً عن الاختلاف في الإستراتيجية الثورية
لكلا الطرفين . وانحاز لينين إلى البلاشفة ، بينما انضم بليخانوف إلى
المناشفة وإن ظل الطرفان ينتميان إلى حزب واحد هو حزب العمال الاشتراكي الديمقراطي
الروسي .
وقد خاض البلاشفة والمناشفة كلٌ بطريقته حرباً
ثورية ، طويلة ، ضد حكم آل رومانوف
القيصري . وحينما اندلعت ثورة عام 1905م قاد تروتسكي ـ وهو أحد المناشفة البارزين ـ أول تنظيم سوفيتي
عمالي في مدينة سان بطرسبورج . وبعد سحق هذه الثورة ونفي تروتسكي إلى سيبريا ،
إلا أنه سرعان ما هرب إلى الخارج .
وفي عام 1912م كان لينين وجماعته قد قويت شوكتهم ،
وتمكنوا من طرد المناشفة
خارج الحزب . وقامت الحرب العالمية الأولى وبسبب مظالم آل رومانوف ، وفسادهم ، ثم هزيمتهم أمام جحافل الجيوش
الألمانية ، ثارت ضدهم الجماهير ، وأسقطت حكم القيصر نيقولا الثاني في
مارس عام 1917م . وفي هذا المناخ الثوري ظهر لينين وأطلق صيحته الشهيرة : ( إن
الجماهير تريد الأرض والخبز ولكن الحكومة الثورية التي خلفت القيصر لا تحقق لها هذه المطالب ولذلك فلابد أن
يقاتل البلاشفة من أجل الثورة الاشتراكية ) . وكانت هذه الظروف الثورية في صالح
البلاشفة، الذين أصبحوا يعدون بمئات الألوف . وقد حدث في ذلك الحين أن ترك
تروتسكي صفوف المناشفة لينضم إلى بلاشفة لينين . ودعا البلاشفة إلى ثورة مسلحة
لإطاحة حكومة كيرنسكي ، الثورية وفي 8 نوفمبر عام 1917م تمكنوا من الانتصار ،
وشكلوا الحكومة وحدهم برئاسة لينين ، وعين ترويسكي وزيراً للخارجية في هذه
الحكومة .
في العام نفسه أجريت انتخابات الجمعية التأسيسية ،
ففاز البلاشفة بنسبة 25% فقط من مجموع
الأصوات بينما فازت الأحزاب الاشتراكية المعتدلة الأخرى بنسبة 62% من الأصوات ، أما النسبة
المتبقية وهي 13% فقد فازت بها الأحزاب البورجوازية . وبعد أول اجتماع عقدته
الجمعية التأسيسية ، قرر لينين حلها كما قرر حظر نشاط جميع الأحزاب باستثناء
حزبه البلشفي ، الذي أطلق عليه اسم ( الحزب الشيوعي السوفييتي ) وفرض لينين هذا
الحظر بالقوة ، وأعمال العنف ، والاغتيالات ضد زعماء هذه الأحزاب وكوادرها ، دون
تفرقة بين الاشتراكيين والبورجوازيين . وتم ذلك كله تحت شعار ( مطاردة منظمات
الثورة المضادة ) .
وفي عام 1919م عقد الحزب الشيوعي السوفيتي مؤتمره
الثاني ، الذي أعطى الحزب
الهيمنة المطلقة على كل شئ في الاتحاد السوفيتي ، ورغم أن تروتسكي كان قد عقد ( صلح برست ليتوفسك ) مع الألمان
، إلا أن ثمن هذا الصلح كان باهظاً ، حيث تضمن فصل بولندا ، وجمهوريات البلطيق
وكذلك أوكرانيا عن روسيا السوفييتية . وتدخلت إنجلترا ، وفرنسا ، واليابان ،
والولايات المتحدة ، لمحاولة إسقاط السلطة السوفييتية ، دون جدوى، وتم جلاء قوات
البلدان الأربعة فيما بعد عن الأراضي السوفيتية . وأقبل السوفييت على تأميم
كل الاقتصاد السوفيتي في الصناعة ، والزراعة ، وإلغاء كل مظاهر الملكية
الخاصة تقريباً . وفي عام 1920م شعر السوفيت بالمأزق الذي وضعوا أنفسهم فيه ،
حيث انخفض الإنتاج بنسب واضحة . وفي عام 1921م قتلت المجاعة الملايين من
أبناء الشعوب . وأمام هذه الكارثة ، تراجع لينين عن التأميم الكامل لوسائل الإنتاج
، واتبع ما سماه باسم ( السياسة الاقتصادية الجديدة ) ، وأعاد الملكية
الخاصة في كثير من القطاعات الإنتاجية .
وأصيب لينين بأزمة قلبية وظلت صحته في تدهور حتى
توفي في 21 يناير عام 1924م عن 53 عاماً فقط .
وقد ترك لينين الحزب الشيوعي السوفيتي وهو منقسم
بشأن السياسة الاقتصادية
الجديدة ، التي كان تروتسكي وغيره ينتقدونها ، باعتبارها عودة إلى الرأسمالية . وكان تروتسكي الوريث
الطبيعي للينين ، ولكن آلة الحزب كلها كانت في يد السكرتير العام ، جوزيف ستالين ،
الذي كان قد اكتسب أهميته النضالية ، من تدبيره وتنفيذه لعدة سرقات مسلحة ، من
أجل تمويل الحزب ، أثناء الكفاح ضد القيصرية .
وقد طالب لينين في وصيته خلفاءه تنحية ستالين ،
ولكن ستالين استطاع أن يسرق السلطة
من الجميع ، بمساعدة اثنين من رفاق لينين الكبار ، هما ( كاسينيف و زينوفيف ) . ثم
انقلب ستالين عليهما ، هما الآخران ، بعد ذلك ، وتحالف مع كل من ( بوخارين و ريكوف ) ، وهما من الشيوعيين المحافظين . وفي
عام 1936 م أصبح ستالين قيصر روسيا
الذي لا ينازع .
♣ لمزيد من المعلومات عن فلاديمير لينين اضغط هنا ♣
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق